حسب ظني أن معظمنا قد قرأ حكاية المثل ( غرسوا فأكلنا ونغرس فيأكلون ) وهي أن كسرى انو شروان مر بفلاح عجوز يغرس الأشجار فتعجب منه كسرى وسأله وهل تأمل أن تأكل من ثمار هذه الأشجار والتي ستثمر بعد عدة سنين فقال الفلاح العجوز عبارته والتي ذهبت مثلا على مر الدهور والأجيال وكذلك بمختلف الأجناس والحضارات القديمة .
أجل مقولة نبعت وتألقت من الجذور الممتدة في أعماق الأرض لتنمو منها أغصان وفروع اليوم والغد والمستقبل كلها مترابطة غير منقطعة ... في العطاء المتواصل الذي يبقى الأمل محدوا بالغد المشرق المبتسم والفجر الآتي المنير والذي يثلج الصدور ويبهج النفوس ويفرح القلوب وينشي الأفئدة ... ترى من هذه المقولة نتلمس فيها مدى قوة الانتماء للأرض ... فهذا العجوز عبر بلسانه عما تفعله يداه ويبذله جسده من جهد وطاقة في سبيل إتمام العطاء واكتمال الدور في الأداء حيث أننا نجد أن العجوز جعل انتماءه عملا وجهدا دون تقصير أو ملل ليكون مثلا يحتذى وأسوة مقتداه لفئة الشباب جدا واجتهادا ومثابرة بصورة متواصلة لمصلحة الأرض التي يعيش عليها حيث تكتب حبات عرقه على ذرات ترابه قصة انتمائه لبقعة الأرض التي عشقها والتي يحصل منها هو وغيره على جل موارده وحاجاته نعم أرضه ذلك المعين الذي لا ينضب تدفقا وعطاءا .. لقد اثبت لنا هذا العجوز عملا لا قولا أن الأرض كما تنفعك تحتاج منك أن تقدم لها فان لم تعطها لا تعطيك وان هجرتها بالكسل والتقاعس فسوف تطردك من حماها وتحرمك من خيراتها .. فكن لها مخلص تجود عليك بما هو خير من ذلك واعم .
ترى متى يعني معشر الشباب أن الانتماء والمواطنة لأردن الخير والعطاء لأردن الآباء والشرف يكون عملا دون القول أو حتى دون التشدق بكلمات رنانة منمقة بليغة الصور البيانية ... فكم من جنود مجهولين بذلوا في سبيل ذلك الغالي والنفيس مما لديهم وقد يكون ما لديهم قليلا وكم من زنود سمر تعبت وكدت في سبيل البناء والتطوير لرفعة شأن هذا البلد الغالي ... فيا معشر الشباب هذا الوطن يحتاجكم في الجد والاجتهاد والمثابرة المتواصلة كل في ثغره الذي يقف عليه ... يكون فيكم الحرص على سمعة الأردن شعارا للسمو والحفاظ على شرف ومقدرات وطننا نهجا وطريقا ويكون صون مكتسبات الوطن والالتزام بدستوره وقوانينه وتعليمات السلطات والجهات المعنية حتى يطمئن كل منا إلى أنه في هذا الدور يحافظ على نفسه أولا ثم أهله وبيته ... فما أجملها من صورة عندما نجد شباب المدرسة والكلية والجامعة يحافظون على مقتنيات المكان الذي يقدم لهم العلم والتقدم والتطور والرخاء والأجمل من ذلك والأكثر روعة وبهاء عندما يقوم الموظف المسلم بحق بصد ضعاف النفوس المريضة والذين يقدمون الرشاوى وتحقيق مآرب شخصية رخيصة على حساب تخريب مصلحة عامة كبيرة ذات أهمية عظيمة وذات قدر رفيع .
والأفضل والأمثل أن يكون هناك أناس آخذون على عاتقهم بأمانة وشرف وإخلاص أن يتابعوا ضعاف النفوس حشرات سوس المجتمع يقومون باصطيادهم لتنظيف المجتمع م خبثهم ودرنهم حتى نحاول الوصول إلى شيء من المدينة الفاضلة .
بقلم ماجد الزواهرة