الأردن تاريخ وحضارة
الكاتب: رحيل غرايبة
2009/08/07
الأردن جزء من بلاد الشام، وبلاد الشام جزء من الوطن العربي والعالم الإسلامي الكبير،هذه حقيقة لا يناقش فيها صغير ولا كبير،وكل عربي وكل مسلم يراوده حلم الوحدة،ويتمنى أن يعود الوطن العربي والإسلامي إلى دولة واحدة، ذات رسالة واحدة، وقوة حضارية إنسانية لخدمة البشرية جمعاء.
وأما القول أن (الأردن) صنيعة سايكس بيكو فهذا ينطبق على كل الأقطار العربية والإسلامية التي تزيد عن خمسين دولة، وكل دولة لها حدودها وشعبها وعلمها وجيشها، فلا يجوز مطلقا تصوير الأردن انه عبارة عن منطقة بلا تاريخ وبلا شعب، وأنها عبارة عن جغرافيا فارغة إلا من بعض القبائل البدوية الرعوية المتنقلة، وجاء الانجليز والصهاينة ليجعلوا منها دولة وظيفية لخدمة أغراض الاحتلال.
فهذا القول خطير، ويمثل فرية عظيمة يرددها فئتان من الناس: فئة ساذجة غبية لا تدرك أبعاد هذه المقولة السقيمة ولا تدرك نتائجها الخطيرة، ولا تدرك أنها تخدم مخططا صهيونيا خطيرا. والفئة الأخرى متآمرة وحاقدة،تريد تعميق هذا الفهم من اجل السطو على ذاكرة الأردنيين، وصياغة أجيال جديدة ضائعة منبتة بلا ارض ولا هوية ولا ذاكرة ولا تاريخ، من اجل أن ينزع منها انتماؤها لوطنها وترابها وأصالتها، وتفقد الحس والحماس للدفاع عن أرضها ووطنها، ولا تدرك أبعاد المؤامرة بل تصبح غير معنية بشيء حتى يكون الأردن لقمة سائغة للأعداء، وساحة نفوذ لأصحاب ارض الميعاد وارض الآباء الأجداد اليهود!! المخطط الصهيوني يريد أن يعيد المؤامرة نفسها، فكما اعتمد إستراتيجية إعلامية مفادها أن فلسطين ارض بلا شعب وبلا هوية،لشعب بلا ارض ومن اجل ذلك تعمل بكل جدية صارمة على تفريغ فلسطين من الفلسطينيين لتزرع مكانهم مستوطنين يهودا من شتى أنحاء الأرض، والآن تريد تطبيق هذا المخطط على الأردن بأنه جغرافيا خالية وان المقيمين عليها مجرد سكان بلا انتماء ولا تاريخ ولا هوية ولا جذور.
إن الأردن أيها السادة جزء من الأرض المقدسة و المباركة بذاتها، بالنصوص الصريحة، وكانت مهبطا لحضارة عريقة متصلة بجذر التاريخ وعمقه حتى يومنا هذا، فترى حضارة ارم، والأنباط والعمونيين والمؤابين والامويين والعباسين والايوبين والمماليك والاردن الحديث. وفيها أقام إبراهيم ولوط وشعيب والياس وهود ويوشع بن نون، وأصحاب الكهف، وشرفها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ماشيا على الأقدام من جنوبها إلى شمالها،فالأردن كغيرها من أقطار العالم العربي والإسلامي من حيث حظها من الإسهام الحضاري و التاريخي الممتد الذي لم ينقطع.
وفي وابل هذا القرن عندما بانت معالم المؤامرة العالمية على فلسطين والمنطقة، تداعى شيوخ ورجالات الأردن من اجل حماية الأردن، وكانت هناك مؤتمرات أم قيس وقميم والسلط، و اتفقوا على عدة مبادئ تدل على قمة الوعي، حماية الأردن من وعد بلفور، وضرورة مواجهة المشروع الصهيوني، ومنع بيع الأرض لليهود وإقامة حكومة ممثلة للأهالي، ونشر التعليم وغير ذلك.
وما ينبغي التأكيد عليه بوضوح أن الانتماء للأردن جزء من الانتماء للأمة العربية والإسلامية، فلا تعارض ولا تناقض البتة، بل إن الرسول عليه السلام كان يعلن انتماءه لبلده ومسقط رأسه مكة، ولولا أن أهل مكة أخرجوه منها ما خرج، وما ينبغي التأكيد عليه أيضا أن نقف جميعا أمام مؤامرة السطو على ذاكرة الأجيال وقطع صلتهم بالمكان والجغرافيا والتاريخ، وزعزعة انتمائهم لأرضهم وأوطانهم وسلخهم عن مقدساتهم.